المستقبل نت عينك الثالثة على الحدث
مقالات مشابهة
لا أنسى فضل وتأثير العراق الكبير وجامعة بغداد على حياتي ، إذ عرفت في هذا البلد كثيرا من مشاهير الشعراء والمفكرين والفنانين والصحفيين والزعماء السياسيين الذين تأثرت بهم مسيرة حياتي الفكرية والسياسية والمهنية.
ولا أنسى ايضا انني في جامعة بغداد كسبت أصدقاء وصديقات من العراق والعالم العربي وافريقيا ، بعضهم الآن يحتل مراكز مهمة في العراق والمنظمات الدولية من بينهم د.سليم الجبوري رئيس البرلمان العراقي الحالي ، ود. هاشم حسن جاسم عميد كلية الاعلام في جامعة بغداد ، و د. نائلة البصري خبيرة ادارة الأزمات في نادي مدريد بأسبانيا.
قبل قليل كنت اتواصل عبر الايميل مع البروفيسور مبارك التيجاني وكان من أعز أصدقائي وزملائي السودانيين في جامعة بغداد ، ويعمل منذ خمس سنوات باحثا في مركز للأبحاث بمدينة كيب تاون باتحاد جنوب افريقيا.
صديقي القديم مهتم باليمن وقد سبق له العمل في عدن بمساعدة شخصية مني ، خلال الثمانينات ، ولا يخفي خلال تواصلي الدائم به تعاطفه مع القضية الجنوبية.
ارسل مبارك التيجاني وثيقة باللغة الانجليزية من 31 صفحة تداولتها مراكز بحوث تتبع المخابرات البريطانية والسعودية خلال العدوان على اليمن .
تتحدث الوثيقة عن ضرورة خلق (واقع جنوبي) مضطرب ، في حال عجز “قوات التحالف العربي” الذي تقوده السعودية ، عن احتلال صنعاء ، وفشلها في إجبار “قوات الحوثي وصالح” على الاستسلام بالقوة العسكرية او المفاوضات السياسية!!
الوثيقة تشير الى ان “قوات الحراك الجنوبي” التي استخدمتها القوات السعودية والخليجية كرأس حربة لمقاتلة “الجيش الموالي للحوثي وصالح” هي الديك الذي يمكن ان يلد بيضة ذهبية مرة واحدة فقط ولن تتكرر !!
الوثيقة تصف قادة ما تسمى (المقاومة الجنوبية) بالغباء والتهافت والضحالة السياسية والاندفاع العاطفي والفقر المادي ، وتعيد الى تصرفاتهم امكانية خلق “واقع جنوبي” يشكل استحقاقا للقوتين الرئيسيتين في الحرب على اليمن ، وهي السعودية والامارات كخارطة طريق تمكنهما للخروج المظفر من مستنقع الحرب على اليمن ، بما يحفظ لهما ماء الوجه أمام معارضي هذه الحرب في السعودية والامارات.
وعدني صديقي التيجاني بارسال تقرير آخر يحتوي على معلومات اضافية وخطيرة خلال هذا الاسبوع ، لكنه أبدى حزنه العميق لأن القضية الجنوبية التي كان يدعمها طوال السنوات الماضية بعد حرب 1994 ، تحولت الى ( واقع جنوبي) تقوم دول كبرى ببحث تفكيكه الى ثلاث مكعبات:
* المكعب الأول / ويشكل كيانا جيوسياسيا على سواحل البحر العربي وجزء من صحراء الربع الخالي الذي تنازلت السعودية عنه لصالح اليمن في اتفاقية ترسيم الحدود السعودية اليمنية عام 2000م.
* المكعب الثاني / ويشكل كيانا جيوسياسيا في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر
* أما المكعب الثالث وهو جزء من شبوة متاخم لمحافظة مأرب ، فسيتم الحاقه باليمن الشمالي في اطار دولة اتحادية واحدة ، على أساس دستور يضمن تحول الدولة المقترحة الى دولة كونفدرالية بعد خمس سنوات، يمكن ان تنتهي بتقسيم ما تبقى من الجنوب الى دولتين .
الأهم من كل ذلك ان صديقي التيجاني فاجأني بأن اسرائيل تضغط على الولايات المتحدة الاميركية بدعم هذا المشروع التفكيكي ، فيما تعارضه بقوة اربع دول كبيرة وهي روسيا والصين والهند وسلطنة عمان … ولله في خلقه شؤون!!
