لا يبدو أن تحالف العدوان ومرتزقة الرياض جادون في إحلال السلام باليمن، حتى وإن ذرفوا دموع التماسيح ودبجوا البيانات والبلاغات التي ترمي إلى اتهام الوفد الوطني وتحميله مسئولية فشل المفاوضات، تحت ذرائع واهية لم يعد مجديا تسويقها لدى شعبنا اليمني، الذي اكتوى طوال يوميات العدوان بنيران الحقد والكراهية والإجرام اللامتناهي الذي ارتكبته قوات العدوان بحق المدنيين والمستضعفين من الرجال والنساء والأطفال.
وإذ يدرك الوفد الوطني حقيقة أكاذيب وخداع قوى العدوان وأدواتهم، فإنه بانفتاحه وتلبيته لدعوة المفاوضات التي انطلقت الخميس الماضي بمدينة الكويت، بإشراف الأمم المتحدة، ينطلق من الحرص على المصلحة الوطنية، ومطلب الشعب اليمني المتعلق برفع الحصار ووقف العدوان، واستئناف العملية السياسية من حيث توقفت في حوار موفنبيك قبيل مباشرة العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
ولاشك أن أنصار الله والمؤتمر الشعبي والقوى السياسية المتحالفة معهما أمام مسئولية تاريخية دقيقة، لا تقتصر على إنجاح المفاوضات السلمية، بقدر ما تتطلب أن يكون هذا النجاح في مستوى حجم الانتصارات والتضحيات التي سطرها الجيش واللجان الشعبية، ولا تبخس منه شيئاً.
ويلحظ المتتبع لمسار انطلاق المفاوضات الكويت أنها تميزت عن الجولات السابقة لها، فالقبول بدخول هذه المفاوضات استبقه إعلان وقف إطلاق النار في العاشر من إبريل، وطوال الأيام السابقة وحتى اليوم يتمسك الوفد الوطني بتثبيت وقف إطلاق النار قبل الدخول في أية نقاشات أخرى، مستندا إلى تعهدات الأمم المتحدة والدول الوسيطة، التي بدت هذه المرة أكثر جدية تجاه متطلبات الحل السياسي في اليمن. ويمكن القول أن الوفد الوطني قد نجح بالفعل وفرض على الطرف الآخر حصر النقاش في الأولويات المتعلقة بتثبيت وقف إطلاق النار قبل مناقشة القضايا الأخرى.
كما انتزع الوفد موقفاً مهما من المبعوث الأممي، الذي أكد أن ما يسمى بالنقاط الخمس ستناقش في لجان بالتوازي وليس حسب التسلسل الذي يطرحه مرتزقة الرياض، وهو الموقف الذي فوت الفرصة على أدوات الرياض وحاصرهم في زاوية ضيقة، بعد أن عملوا على تقديم المفاوضات وكأنها محطه لإعلان استسلام الوفد الوطني.
صحيح أن ولد الشيخ يسعى بموقفه هذا إلى تحريك المفاوضات، واصطناع أجواء إيجابية حولها، إلا أن موقفه هذا لا يمكن أن يكون بمعزل عن توجيهات الرياض التي تبقى محور الحل والحرب للأسف الشديد.