ترتهن مفاوضات الكويت المقبلة بين الاطراف اليمنيين على نجاح وقف الحرب الذي يسبقها بأسبوع, لا لأن هذا النجاح يؤكد مصداقية التوجه السياسي للقوى المهيمنة في انهاء الحرب واستبدالها بتسوية سياسية يمكن التوصل إليها والقبول بها عبر المفاوضات, بل لأن ايقاف القتال يقدم دليلاً واقعياً على إمكان وقدرة اليمنيين على المضي الجاد للخروج من دوامة الحرب إلى أفق السلام.
تقول الوقائع إن الاطراف اليمنيية تمكنت سابقاً من تسوية الخلافات سلمياً وتجنبوا دورات مأساوية من الحروب والدمار, وتشير الوقائع أيضاً, إلى أن القوى اليمنية المتحاربة, تغلبت على كوارث الاقتتال واستطاعت إنهاء حروبها بالتفاوض والحوار, ولن يختلف الحاضر كثيراً عن ماضينا القريب, إذا وإذا فقط آمنت قوى الهيمنة بحق الشعب اليمني في حياة مصونة بالعدل والسلام والحرية والسيادة.
ربما تثير الكويت تفاؤل اليمنيين بنجاحها في وقف الحرب والوصول باليمن إلى مرافئ السلام, وذلك بسابق نجاح لها في وقف حرب بين شطري اليمن سابقا, وإعادتها إلى مسار النضال المشترك من أجل الوحدة وفي سبيلها.
ذلك كان في العام 1979م, حين اتفق الشطران على انهاء الحرب, والعودة إلى مسار العمل الوحدوي وبحيث كان بيان الكويت نهاية للحروب الشطرية وبداية التوجه نحو توحد الشطرين في دولة واخدة, أعلنت عام 1990م باسم الجمهورية اليمنية.
غير أن الموضوعية تقتضي للتأكد من تكرار تجربة النجاح اليمني في الكويت, التشديد على ضرورة توافر عاملين هما: الأول: الإرادة الصادقة للقوى اليمنية, والثاني: الاسناد الخارجي التام والكامل لقرار إنهاء الحرب, والتحول منها إلى تسوية سلمية متاحة بالمفاوضات والحوار الجاد والمسؤول.
وأمام اليمنيين في مفاوضات الكويت كل ما يتطلبه النجاح من أسس وأطر مرجعية, يتصدرها في الأهمية والدور, ما تحقق لهم من إجماع وطني على الحاضر والمستقبل, في مخرجات الحوار الوطني الشامل.
وعلى ضوء ما يتوافر بمخرجات الحوار الوطني من إطار مرجعي للحلول والتسويات, يكون بمقدور الأطراف المتحاربة تسوية ما بقي من خلاف واختلاف والتوافق على ما يجمع كل اليمنيين في صعيد موحد على التعايش والشراكة, ومتوحد بالتسامح والمصالحة الوطنية, وذلك يضع اليمن, الأرض والشعب, في مسار جديد وحركة متجهة نحو السلام والبناء, ونحو مستقبل مفتوح ليمن واعد بالديمقراطية والتقدم, ومهيأ لإعادة الاعمار ومواصلة عملية التنمية الشاملة المستدامة.