بدت مسودة الاتفاق من بندها الأول اشبه بإقرار موافقة رسمية من جماعة أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام على وقف الأعمال القتالية بدءاً من تاريخ لم تحدده المسودة والذي تُرجح مؤشرات عدة أنه لن يبدأ الأحد القادم 10 أبريل وفق الاعلان السابق للأمم المتحدة، ما يعني أن ثمة نص اتفاق آخر غير معلن يتضمن تعهدات سعودية وتعهدات من جانب الحكومة المتنازع حول شرعيتها في شأن المواقفة على وقف اطلاق النار سيشكل إلى جانب المسودة الموافق عليها من انصار الله والمؤتمر حيثيات اتفاق كامل سيتم التوقيع عليه برعاية الامم المتحدة مع بدء سريان اتفاق وقف النار.
وعلى أن بنود المسودة الأممية التي بدت مجتزأة لم تتضمن أي بند واضح يتحدث عن وقف العمليات الحربية التي تشنها السعودية على اليمن تحت مظلة التحالف، إلا أن الصيغة الكلية للبنود وخصوصا التي تحدثت عن وقف شامل للعمليات البرية والبحرية والجوية تشير بوضوح إلى أن الاتفاق يشمل وقف الحرب التي تشنها السعودية على اليمن بصورة عامة مع استثناءات للدفاع عن النفس كما ورد في بنود المسودة الأممية.
خلت مسودة الاتفاق من أي اجراءات تنفيذية بشأن تحصين الجبهات الحدودية كما خلت من أي تفاهمات أو خطوات لانسحاب قوات الجيش واللجان الشعبية من مناطق العمق السعودي ولعل غياب الثقة بين اطراف الاتفاق حملهم على ترك هذه الجزئية للمباحثات الثنائية بين جماعة انصار الله والسلطات السعودية والتي يُرجح أن تمضي قدما على هامش هذا الاتفاق خلال مشاورات الكويت امتدادا للتفاهمات السابقة.
تجاوزت مسودة الاتفاق تداعيات حرب الجبهات الداخلية ونصت في بندها الثالث على منح صلاحيات لمن سمتهم القادة العسكريين المحليين للاتفاق فيما بينهم على آليات لوقف المعارك المحتدمة في الجبهات وازالة مظاهر التوتر العسكري.
وليس هناك ما يتيصل بهذا البند سوى جبهات ( مأرب ، الجوف، تعز ، شبوة)، كما لا يوجد اطراف من الناحية العملية سوى القادة العسكريين الموالين لهادي وقادة الجيش واللجان الشعبية ما يعني أن ثمة جولات اخرى من المفاوضات يكتنفها الكثير من الغموض في شأن قدرتها على وضع نهاية لدوامة معارك الجبهات الداخلية التي تديرها ايدي محلية وتمولها دول تحالف العدوان السعودي بالمال والعتاد التدريب والاسناد العملاني واللوجيستي والمخابراتي ما يبقى باب الحرب الداخلية مفتوحا على كل الاحتمالات.
يزيد من ذلك أن مسودة الاتفاق تضمنت بنودا تسمح لكل الاطراف استخدام القوة في حال الدفاع عن النفس.
البنود التالية لمسودة الاتفاق توضح أن ثمة قرار مسبق بإرجاء جهود الفصل بالحروب الدائرة في جبهات تعز وشبوة ومأرب والضالع لخطوات تلي الخطوة الرئيسية المتمثلة في موافقة اطراف الداخل والنظام السعودي ونظام هادي وقف العمليات القتالية بدءا من تاريخ لم يتم تحديده وإن كان المعلن رسميا من الأمم المتحدة هو تاريخ الـ 10 من ابريل الجاري.
وطبقا للبند التاسع من المسودة فقد اسند الاتفاق للجنة التهدئة والتنسيق المشكلة من الاطراف اليمنية في الداخل والخارج مهمات وصلاحيات التواصل مع اللجان المحلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية، مع منعها من الادلاء بشهادة تحمل فيها أي طرف مسؤولية خرق الاتفاق، فضلا عن حظر تواصلها مع وسائل الاعلام أو اصدر أي معلومات.
وورد في البند الــ 14 نص بتأسيس لجان محلية لتثبيت وقف الأعمال القتالية فور الاتفاق على إجراءات وقف الأعمال القتالية في تعز وشبوة ومأرب والضالع ما يضع الباب مفتوحا على المعارك الدائرة في هذه المحافظات والتي تشكل الجزء الأكبر من العدوان خصوصا وأنها تجري بأيدي محلية وتمويل سعودي اماراتي مباشر وهي حلقة ضعيفة للغاية في الاتفاق يرجح أن تفضي إلى تعقيدات كبيرة.
وثمة حلقة اضعف في مسودة الاتفاق الذي ينص على أن يتم تفعيل ا للجان المحلية قبل بدء سريان القرار الأممي لوقف النار المحدد يوم الــ 10 من ابريل الجاري أي يوم الأحد المقبل، من أجل فتح قنوات التواصل مع القادة العسكريين من كل الأطراف ولا يعرف ما إن كانت قد شكلت لجان محلية متوافق عليها من الجميع حتى الآن خصوصا ولم يبق سوى يومين على بدء الموعد المحدد لوقف النار.
لا يبدوا أن مسودة الاتفاق قد حددت سقفا زمنيا لوقف النار بشكل شامل وكامل حسب التعبير الوارد في البنود الأولى إذ تحدثت عن آليات لتأليف لجان محلية من 8 اعضاء من الوجهاء المحايدين المقبولين لدى الطرفين تنخرط تاليا في اجراءات لتثبيت وقف الأعمال القتالية بصورة استباقية مع القادة العسكريين المحليين من كل التشكيلات العسكرية وهي اجراءات قد تأخذ مدى زمنيا كبيرا.
تضمنت مسودة الاتفاق التي لم يعلن عنها رسميا حتى الآن على الاقل حلولا لمشكلة ملف الأسرى إذ نصت على ترتيبات تباشرها اللجان المحلية مع الاطراف لبناء الثقة من بينها مبادرات لإطلاق سراح وتبادل الأسرى وهي ايضا حلقة ضعيفة في الاتفاق خصوصا وأن هذه ا لقضية كانت من أكثر قضايا الخلاف في جولات المفاوضات السابقة.
كذلك فرضت المسودة على انصار الله والمؤتمر التزامات بالتهدئة الاعلامية مع بدء وقف الأعمال القتالية لن يكتب لها النجاح إن لم تتواكب مع التزامات من الاطراف الأخرى وخصوصا النظام السعودي الذي يتمترس حول ماكنة اعلامية دولية لعبت دورا خطير للغاية خلال أكثر من سنة من العدوان السعودي على اليمن.
قسم التحليل السياسي في المستقبل