شَنت دول التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية عدوانها البربري على اليمن قبل 333 يوماً وصبت أكثر من مائة الف غارة جوية ناهيكم عن الضربات المميتة من منصات صواريخها ومدفعيتها الغاشمة من البحر والبر ، يضاف اليها حصاراً خانقاً قاتلاً مَنعت على المواطنيين الدواء والوقود بأنواعه وحتى الأغذية إلا ما يتم السماح به عبر مفتشي دول العدوان في عرض البحر والمنافذ البرية.
هذا عدوان وحشي لا مثيل له مُنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية على الإطلاق ، عدوان تقوم به أغنى الدول إقتصادياً وأقواها تسليحاً ضد شعب فقير جارٍ لهم وبغطاء سياسي فاضح ” من قبل الشرعية الدولية ” ، وبتعتيم إعلامي إقليمي ( إسلامي وعربي ) لا سابق له في التاريخ الإنساني كله ، إنها فضيحة أخلاقية مدوية تُنقش في جبين تاريخ كل هؤلاء المعتدون والمتواطئون والصامتون على ذبح اليمن من الوريد الى الوريد.
تعالوا نأخذ عينة من نتائج جرائم العدوان وهي ارقام في جانبها تأثير مستقبلي على حياة المواطن من المهرة شرقاً وحتى الحديدة غرباً ومن صعده شمالاً وحتى سواحل عدن ابين جنوباً ، لن نسترسل في حجم الدمار التي تعرضت لها المدارس ، الجامعات ، المعاهد ، الموانىء ، الجسور ، والمزارع ، والآبار، المدن والآثارالتاريخية ، المساجد ، المتاحف ، المؤسسات الحكومية ، المساكن العامة والشخصية ، والمنشآت الرياضية وحتى مزارع الكتاكيت والدواجن بأنواعها.
لكنني في هذه العُجالة سأركز على لمحة من التقرير الذي قدمه السيد/ ستيفن أوبراين معاون الامين العام للأمم المتحدة حول المأساة الانسانية لليمنيين جراء العدوان والمقدم الى دورة مجلس الأمن الدولي الأخير وكذا على التقارير الموثقة الصادرة عن الغرفة التجارية بالعاصمة صنعاء حول المؤسسات الإقتصادية المنتجة التي تعمدت دول العدوان من تدميرها وإنهائها وما سيترتب على ذلك من آثار معيشية قادمة على حياة المواطن وتظهر الأرقام المفزعة الآتي :–
* تدمير أكثر من 196 مصنعاً
* تدمير أكثر من 7 صوامع للغلال
* تدمير أكثر من 546 مخزن للأغذية
* تدمير أكثر من 365 سوق تجاري
* تدمير أكثر من 123 منشأة سياحية
* تدمير أكثر من 240 محطة وقود
وكغيري من القراء والمهتمين والمتابعين لمثل هذه البيانات والمعلومات تتبادر الى ذهني مجموعة من التساؤلات الملحة الآتية :
( 1 ) هل هذه المنشآت هي أهداف عسكرية وتغذي الصناعات الحربية للجيش اليمني واللجان الشعبية لتطيل أمد الحرب ؟
( 2 ) هل هذه المنشآت هي ملك شخصي للرئيس السابق/ علي عبدالله صالح وللمؤتمر الشعبي العام أوللسيد / عبدالملك بن بدر الدين الحوثي وجماعة أنصار الله ؟
( 3 ) هل هذه المصانع ملك شخصي للقيادات العسكرية والأمنية التي تقود العمليات القتالية والمقاتلين في جبهات القتال في الخوبه ونجران وجيزان جنوب المملكة العربية السعودية او بجبهات حضرموت ولحج وشبوه وذو باب وباب المندب ومأرب باليمن ؟
( 4 ) هل بتدمير هذه الأهداف الاقتصادية سيتضرر منها العدو التاريخي للأمة العربية وهي دويلة إسرائيل ؟
( 5 ) هل ستتضرر الجمهورية الاسلامية الايرانية “الشيعية” باعتبارها عدوتهم المُفترضة من كل هذا العدوان والتدمير لمقدرات اليمنيين ؟
رٓحم الله فقيد الأمة العربية المفكر الكبير / محمد حسنين هيكل الذي قال في آخر تجلياته الإعلامية ( ان السعودية تدمر اليمن ) ، وسأستعير إجابة لهم قالتها السيدة / مادلين أولبرايت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية السابقة ( وهي سياسية أمريكية متصهينة ) حينما سُئلت عن الآثار المدمرة إنسانياً لحصار الأمريكيون والبريطانيون على الشعب العراقي الشقيق في تسعينات القرن الماضي وراح ضحيتها أكثر من مليون ونصف طفل عراقي ، وقالت في إجابتها الشهيرة ( ان القضية تستحق الثمن !!! ).
وانا بدوري أُعيد الإجابة كتساؤل لقادة دول العدوان في ” الشقيقة ” الجارة السعودية ومصر العروبة وإمارات آل نهيان والأردن الهاشمية والسودان المجزاء جراء سياسات الإخوان المسلمين المقيته وبقية الدول الشريكة والضالعة في اهدار دماء وارواح اليمنيين ومقدراتهم.
هل عدوانكم على اليمنيين يستحق كل هذا الوحشية المفرطة وهل القضية تستحق الثمن.. وماذا عسى ان يكتب التاريخ في أنصع صفحاته تجاه عدوانكم على شعب الأيمان والحكمة الصابر المسالم ؟
انتم تريدون من جراء عدوانكم هذا ان تحولوا الشعب اليمني كل الشعب الى مجرد قوم عاطلين عن العمل ينتظرون من دول مجلس العدوان الخليجي العربي على اليمن في نهاية كل شهر من أشهر الدهر على مصروف شهري هي عبارة عن : ( سلةٍ غذائيةٍ شهرية لكل أسرة تحوي على عدد من علب الفاصوليا والفول والدقيق وخلافه ) ، وتتمنون ان يقيد هذا الشعب ضمن قوائم وسجلات اللاجئين مسلوبي الإرادة وينتظرون عون المنظمات الدولية وغيرهم ، وتريدوا تعطيل عقول وإنسانية الشعب اليمني ، وهدف آخر اصبح معلناً بان تغرقوا كل الأسواق المحلية ببضائع مصانعكم وتحولوا الانسان اليمني الى مجرد إنسان مستهلك غير منتج ، ضعيف ، تابع ومهزوم في قادم الأيام.
ان من يرسمون لكم هذه السيناريوهات المضللة إنما يغالطونكم و لا يعرفون تاريخ هذا الشعب الحرالأبي الذي صنع مجداً بالتاريخ تعرفونه جيداً ويصنع اليوم ملحمة أسطورية بالتصدي لعدوانكم الغاشم وغير المسبوق وفي ذات اللحظة يكيف ذاته للمقاومة الطويلة لأعوام.
وهمسة صادقة نجددها لليمنيين الذين تماهموا وتضامنوا ودعموا العدوان على وطنهم وشعبهم عليهم تكرار الإستماع الى ضمائرهم ووجدانهم الأخلاقي والديني لكي يعودوا الى رشدهم لان العدو لن يحترمهم في قادم الأيام وسيعتبرهم في أكثر الحالات انهم مرتزقة متسولين للمال القذر ليس إلا ، واليمن يتسع للجميع ، وعز القبيلي بلاده كما يقول اليمانيون ٠ والله من وراء القصد.
*رئيس جامعة عدن – محافظ مدينة عدن السابق