“المستقبل” ـ تحليل
في مسعى لاحتواء اعمال العنف العاصفة بمحافظة عدن والتي تصاعدت في دوامة اشتباكات مسلحة ما تلبث تندلع في منطقة حتى تنتقل إلى أخرى اعلن مكتب الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي اليوم ترتيبات لدمج “شباب المقاومة الجنوبية” في صفوف القوات المسلحة ووعد بإجراءات تلبي مطالب المحتجين بحق “الشهداء والجرحى”.
وجاءت هذه الخطوة في محاولة لتهدئة الغليان العاصف بمحافظة عدن والذي خلف حال تدهور امني مريع منذ أن شرع هادي بتنفيذ خطة للتحالف وضعت هادي في مأزق كبير بعد اقتراحها اجراءات لتسلم المؤسسات الحكومية الخاضعة منذ يوليو الماضي لسيطرة مليشيا الحراك الموالية لهادي واستبدالها بمجندين جدد تلقوا تدريبات عسكرية في معسكرات سعودية واماراتية خلال الفترة الماضية.
وشهدت محافظة عدن معارك عنيفة خلال الأيام الماضية بين محتجين من “المقاومة الجنوبية” والقوات التابعة لهادي في مناطق عدة تزامنت مع تصاعد حرب الاغتيالات والتصفيات للقادة العسكريين والأمنيين والشخصيات القيادية الميدانية وامتدت نيرانها مؤخرا إلى قصر معاشيق حيث مقر اقامة هادي وارغمت مركز عمليات تحالف العدوان السعودي الاماراتي إلى اقفال مطار عدن الدولي ووقف حركة الملاحة الدولية واعادة ترتيب اولوياته الأمنية بصورة عامة.
وبرزت اتهامات علنية إلى الواجهة تتهم هادي بمحاولة تدمير قادة الحراك الجنوبي المتقلدين مناصب مدنية وعسكرية رفيعة فضلا عن اتهامه من مسلحي “المقاومة الجنوبية” واكثرهم من كتائب الحراك الجنوبي التي دعمت هادي في حربه خلال الشهور الماضية بالسعي لاقصائهم والتخلي عن اسر الشهداء والجرحى الذين قضوا أو جرحوا في المعارك التي قادها تحالف العدوان السعودي الاميركي والقوات التابعة لهادي في الشهور الماضية.
وبلغت الاتهامات حد خطيرا بخوض مسلحي الحراك مواجهات مع القوات الموالية لهادي والتحالف من جهة ومع مسلحي التنظيمات الارهابية المسيطرة على عدة مناطق بمحافظة عدن امتدت نيرانها مؤخرا إلى قصر معاشيق الذي شهد عدة محاولات اقتحام من مسلحين غاضبين ارغمت قيادة التحالف إخلاء القصر الرئاسي بصورة كلية.
ويقول قريبون من هادي إن محاولاته تلبية مطالب قوى الحراك المنخرطة في فصائل المقاومة الجنوبية تبوء بالفشل نتيجة تعارضها مع ضغوط التحالف الذي يدير دفة الامور السياسية والامنية في ظل حسابات سياسية وامنية عطلت إلى حد كبير جهود اعادة الامن إلى المحافظات الجنوبية في ظل خلافات عاصفة بين قادة القوات الاماراتية والقادة السعوديين في هذا الشأن.
ويعزوا هؤلاء تصاعد الفوضى الأمنية في محافظة عدن إلى اخفاق في هادي بالفكاك من دوامة ضغوط قوى الحراك الجنوبي التي تطالب بتمثيل في الحكم في المحافظات الجنوبية الخاضعة للاحتلال في ظل حال من انعدام الثقة لدى قوات التحالف التي لجأت إلى الاستعانة بالتنظيمات الإرهابية لتصفية حساباتها مع قوى الحراك الجنوبي وخصوصا مراكز القوى التي تتهمها قوات التحالف بنهب عتادها العسكري وسرقة اموال كبيرة مقدمة كمنح من قوات التحالف لتسيير دفة الامور المدنية والعسكرية في المحافظات الجنوبية.
ويؤكد قادة الحراك الجنوبي تصاعد الخلاف بين هادي وقيادة القوات الاماراتية من جهة وكذلك تصاعد الخلافات غير المعلنة بين قطبي التحالف القوات ا لاماراتية والقوات السعودية وهي الخلافات التي دفعت القوات الاماراتية إلى تخفيض مستوى دورها العسكري والامني بمدينة عدن إلى أدنى مستوياته وشروعها بسحب قواتها من بعض المواقع الحيوية وفي الصدارة مطار عدن الدولي ونقل مقر قيادتها من داخل مدينة عدن إلى بارجة حربية ترسوا حاليا قبالة سواحل ميناء البريقة، فضلا عن توجهها إلى وقف الدعم المالي الذي تقدمه لدعم مشاريع الكهرباء والمياه المرشحين للتوقف قريبا، بعدما فشلت في استرجاع آليات عسكرية نهبها مسلحون في محافظة لحج .
يضاف إلى ذلك الاتهامات التي وجهتها مؤخرا قيادة القوات الاماراتية إلى قادة عسكريين مقربين من هادي بعد موجة النهب لمستودعات السلاح الاماراتية في مدينة عدن والتي شهدت عمليات سلب ونهب واسعة طاولت آليات وعربات وكميات من السلاح المتوسط والخفيف تابعة للواء حزم سلمان في مدينة خورمكسر وانتهت بلجوء قائد القوات الاماراتية مشبب العتيبي إلى احتجاز قائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء أحمد سيف اليافعي، ووزير الداخلية، حسين عرب في قصر معاشيق والتحقيق معهم في هذه القضية.
وطبقا لمصادر قريبة فقد شمل التحقيق الاماراتي مع اللواء اليافعي واللواء عرب تداعيات اخرى على صلة بتراخيهم المتعمد عن مواجهة مسلحي تنظيم “القاعدة” الذين شرعوا بالسيطرة على مدن جديدة في محافظتي ابين ولحج وسط اتهامات لهادي بادارة هذه المشاريع في الخفاء بالتنسيق مع القوات السعودية.
يضاف إلى ذلك الاتهامات الموجهة لهادي بمحاولة افشال محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير امنها شلال شايع وهما من قادة الحراك الذين يحضون بدعم اماراتي من خلال تصعيد مظاهر التدهور الأمني في مدينة عدن.