السلوك احد مفردات الثقافة، بل هو التجلي الابرز للثقافة، والفيد احد تعبيرات الثقافة اليمنية قديما وحديثا.
تتعد مسمياته، تجده عند القبائل المحترفة فيدا، وعند غيرهم فودا، وبين الفيد والفود هناك متفيد. في نقش النصر السبئي يذكر الملك اعداد ما سباه وما نهبه من اثاث ورياش.
هكذا دون الحاكم السبئي بطولاته وفيده عندما غزا دولة اوسان.
حروب اليمنيين تقوم على الفيد والدمار، ما لم يستطع المحارب تفيده ونقله يقوم بتميره او احراقه؛ واذا كان مستقرا تملكه وعبث به.
المتفيد دائما تسكنه غريزة التخريب هو دائما ضد اي شيء قائم. معظم القبائل اليمنية تحتقر الحرف، وتعلي من شأن الفيد، يقطعون الطرق، ويخيفون اﻻمن، من اجل الفيد. الفيد متأصل في السلوك والثقافة لدي اليمني. هناك قبائل تشعل الحروب من اجل الفيد، اليمني حيوان متفيد، يتفيد ما تصل يده اليه.
اشهر حروب الفيد في العصر الحديث هي نهب صنعاء في العام 1948م عندما اباحها الامام احمد للقبائل المناصرة له لمدة ثلاثة ايام حسوما.
قيل ان الفيد وصل الى سبي النساء واقتلاع ابواب ونوافذ المنازل.
اما الفيد الاكبر في التاريخ فكان في حرب 1994 ضد الجنوب الى درجة ان كثير من الكتاب والمؤرخين يطلقون عليها حرب الفيد.
في هذه الحرب تفيد الغزاة الجنوب ارضا وامكانيات وتاريخ وجغرافيا.؛ تفيدوا المباني والمنازل والمؤسسات والمشافي والجامعات، والسيارات والحمير والبقر والدجاج. استمر الفيد لأكثر من عشرين سنة؛ يا صبر ايوب.
حياة اليمني كلها فيد سواء كان كبيرا أم صغير.
المشايخ يتفيدون القبائل، والحكومة تتفيد الشعب، والعسكري يتفيد المواطن، والمواطن يتفيد جاره، والعمل بالمثل: انا واخي نتفيد ابن عمي وانا وابن عمي نتفيد الاجنبي؛ وهكذا يعيش المجتمع على تراتبية الفيد.
مثلا الذي لا يعمل يتفيد الذي يعمل والذي لا يزرع يتفيد الذي يزرع.
وهكذا تستمر مسيرة الفيد دون تراجع او انقطاع.
- يحتفظ موقع “المستقبل” باسم كاتب هذه المقالة بناء على طلبه.