- لماذا يصعب على السعودية وقف حربها العبثية في اليمن .. وإلى أين سيقود الجهد الروسي الاممي الداعم لمسار الحل السياسي .. وماهي فرص نجاح هادي بعدما كلفته الرياض بجولة مكوكية في عواصم عربية واجنبية لحشد تأييد يعزز موقفها على المسرح الدولي .. وماذا يرجح ان تفضي اليه جلسة مجلس الامن القادمة في شأن اليمن ؟ اسئلة اجاب عليها المحلل السياسي لـ “المستقبل” في هذا التحليل .
التحركات الدولية والاممية المؤيد لمسار الحل السياسي والمناهضة لاستمرار الحرب التي تقودها السعودية في اليمن مضت في الايام الماضية قدما بعد افصاح واشنطن عن نياتها استئناف جهود المسار السياسي للازمة ودعوة روسيا مجلس الامن إلى عقد جلسة خاصة لبحث الملف الانساني في اليمن وتبنيها مقترحات وضع هذه القضية على طاولة المجلس الدولي اسبوعيا، إلا أن ثمة عقبات لا تزال تحول دون نجاح هذه الجهود في ارغام الرياض وعلى وقف حربها العبثية في اليمن.
في اليومين الماضيين ذهب العديد من المحللين السياسيين إلى تفسير المواقف الدولية المناهضة للعدوان السعودي على اليمن في المحافل الديبلوماسية والاممية بوصفها ضغوطا يمارسها حلفاء الرياض الدوليين لمنعها من الدخول إلى العاصمة صنعاء عبر المرتزقة الذين تساندهم في الجبهات الشرقية غير أن هذه التحليلات سرعان ما ذهب ادراج الرياح خصوصا وانها كانت مبنية على معلومات مضللة اسندت للسعودية انتصارات اعلامية وغيبت تماما الاخفاقات والخسائر التي تكبدتها في محاولاتها تسجيل انتصار في الجبهة الشرقية للعاصمة صنعاء يقوي من موقفها في جولات التفاوض القادمة.
وما بدا واضحا هو أن التحركات الاخيرة للأميركيين والروس نحو انهاء الحرب التي تشنها السعودي على اليمن تحت مظلة التحالف، لم تكن بعيدة عن قلق موسكو من الدور السعودي الخفي في هذه الحرب بنقل خطر تنظيم “داعش” من سوريا إلى اليمن، وقلق الرياض من مفاجآت اميركية ايرانية تشبه التفاهمات التي افضت إلى الاتفاق النووي.
منذ الاعلان عن ترتيبات لعقد مجلس الامن الدولي جلسة خاصة للبحث في الملف الانساني اليمني بناء على طلب روسيا، شهدت الساحة الدولية تحركات ديبلوماسية ومفاوضات على اكثر من صعيد تكللت بالموقف الأممي المؤيد لمسار الحل السياسي على خطى مفاوضات جنيف 2 التي تعثرت منذ اعلان المبعوث الاممي عن جولة جديدة لها قبل أكثر من شهر.
واكتسبت التحركات الاممية قوة هذه المرة بعد التقارير الاممية التي وجهت انتقادات واتهامات علنية إلى التحالف الذي تقوده الرياض باستهداف المدنيين والمنشآت الحيوية بقنابل محرمة دوليا وتصاعدت بعد توجيه الرياض رسالة إلى الأمم المتحدة طالبت فيها تجنيب فرقها الانسانية العاملة في اليمن العمل في مواقع قريبة من جماعات الحوثيين، ما اعتبر مؤشر على نية الرياض تكثيف حربها في اليمن بصورة قد تقود إلى انتهاك اشد لقواعد القوانين الدولية والانسانية.
وعكست تصريحات ادلى بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أمام مؤتمر الأمن بمدينة ميونخ الألمانية السبت حجم الضغوط التي تواجه الرياض في ملف الحرب التي تقودها على اليمن إذ أعلن أن ” التحالف لن يتوقف حتى ينهي سيطرة المليشيا ويعيد الأمن والاستقرار إلى اليمن” فيما عدة مراقبون تعبير عن ضيق افق الخيارات لدى الرياض التي تخشى أن تواجه طوفان من العواقب في حال استجابة للضغوط الدولية لوقف الحرب.
سباق ديبلوماسي
وإذ استبقت تصريحات الجبير جلسة لمجلس الامن مقررة الاربعاء المقبل يتوقع ان يُقدم فيها المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ احاطة قد تتضمن مقترحات باستئناف جهود الحل السياسي وهي المقترحات التي صارت تحظى بتأييد واسع من اكثر الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، فقد بدت مواكبة لتحركات دولية داعمة للتسوية السياسية للازمة اليمنية ظهرت إلى السطح مؤخرا في اطار رؤى ذهبت إلى تأييد مشاركة كل الاطراف في خطة انتقال سياسي تضع نهاية للحرب وتضمن تشكيل جبهة داخلية تستطيع مواجهة خطر تنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
وهذه الرؤية تبدو الوحيدة القابلة للتنفيذ استنادا إلى تصريحات السفير الروسي لدى الامم المتحدة، فيتالي تشوركين الذين اعلن قبل ايام عزم موسكوا التقدم بمقترحات إلى مجلس الامن تذهب الى اقتراح عقد اجتماع اسبوعي حول الوضع الانساني في اليمن حتى يتم التوصل الى تسوية سياسية هناك” في ظل مساع دولية واممية حثيثة للدفع نحو مشاركة الاطراف اليمنية بجولة محادثات سلام جديدة” ما قد يجعل من استمرار السعودية في حربها على اليمن امرا محفوفا بالمخاطر.
استدعاء هادي ..
والتفاعلات المتسارعة على المسرح الدولي كانت سببا مباشرا في استدعاء الرياض الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي بصورة مفاجئة إلى الرياض في اطار مساعيها الرامية إلى تشكيل موقف معاكس للتوجهات الدولية المؤيدة لوقف الحرب التي تقودها السعودية على اليمن.
وقد سارعت الرياض إلى الإعلان عن زيارات مكوكية سيقوم بها هادي إلى تركيا وعدد من العواصم العربية املا في أن تقود إلى حشد دعم عربي مساند لموقفها الذي يبدوا في اضعف حالاته في المسرح الاممي.
- هل ستقود التفاعلات على المسرح الدولي السعودية إلى وقف حربها على اليمن ؟
استنادا إلى المعطيات السابقة لا تبدوا ملامح هذا القرار واضحة في المدى القصير على الأقل .. إذ لا تزال تحديات كبيرة تكبح هذا التوجه يتصدرها ادراك الرياض أن وقف حربها على اليمن يعني هزيمة كبرى ستفتح على النظام السعودي ابواب جهنم فيما يرى البعض أن قرار وقف الحرب على اليمن قد يكون سببا في مفاقمة الخلافات العاصفة بين اركان العائلة الحاكمة وهي الخلافات التي كانت الحرب على اليمن سببا في تحجيمها خلال الفترة الماضية وكل الترجيحات تشير إلى أمكان تصاعدها في حال وقف الرياض حربها على اليمن بشكل يهدد بتقويض اركان المملكة من الداخل.
مؤشرات ذلك بدت واضحة في القلق السعودي الذي عبر عنه بوضوح التصعيد الهستيري السعودي لجبهات الحرب البرية والجوية والتي بلغت حدا خطير في محاولاتها فتح جبهة جديدة بضواحي العاصمة في مسعى لاقناع العالم بتحقيقها انتصارات ميدانية.
مؤشر آخر افصح عن القلق السعودي في مخاطرة الرياض بخطوات عملية في أطار استعدادتها المعلنة للمشاركة في حرب برية في سوريا وهي الخطوة التي عدها مراقبون وديبلوماسيون مغامرة غير محسوبة النتائج من جانب الرياض الغارقة في المستنقع اليمني لاسترضاء واشنطن ولحمها على عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها وقف الحرب على اليمن كون ذلك سيقود إلى هزات كبيرة بداخل البيت السعودي تهدد بزوال فريق الصقور المهيمن على القرار في السعودية حاليا على اقل التقديرات.
وتخشى الرياض أيضا أن يؤدي قرار وقف حربها على اليمن من دون تحقيق اهداف الحرب إلى تداعيات داخلية تفكك جبتها الداخلية وتفاقم مشاعر النقمة على النظام في المناطق الجنوبية للسعودية واكثر من ذلك خشيتها من فقدان هيبتها السياسية والعسكرية في اطار دول مجلس التعاون الخليجي بعدما ورطت معها اكثر الانظمة الخليجية في هذه الحرب.
يضاف غلى ذلك توجسها من تداعيات مفتوحة على كل الاحتمالات في الجبهات اليمنية التي جندت فيها عشرات الآلاف من المرتزقة لقيادة حربها وفي الصدارة الاحزاب السياسية التي تورطت في مساندة العدوان ما يعني فقدان هذه القوى حضورها وقواعدها لصالح تنامي حضور وقواعد جماعة انصار الله وحزب المؤتمر الذين تصدرا مواجهة العدوان السعودي منذ يومه الاول.