الحوثيون أو جماعة انصار الله، هم جماعة يقودها عبدالملك الحوثي ولديها مكتب سياسي ولجنة ثورجية عليا (تم اعلانها في مثل هذا اليوم قبل سنة) ونظام أمني خاص قوامه “أبوات” مجهولون ومعلومون، وآلاف (وربما عشرات الآلاف) من المسلحين بينهم قناصة وخبراء في غرس الألغام. هذه الجماعة التي تسيطر على العاصمة صنعاء منذ اجتياحها في 21 سبتمبر 2014 التحق بها مؤيدون من فئات اجتماعية ومهنية ولها قاعدة شعبية في محافظات معينة جراء عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية.
****
كان الحوثيون قبل الاجتياح الكارثي للعاصمة، ثم اعلانهم الثورجي، بنحو عام، يساهمون، مع الرئيس هادي والتجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وحزب الرشاد (المعبر عن جناح من السلفيين في اليمن) وحراك 2014 (بزعامة هادي نفسه!)، وبرعاية الولايات المتحدة وبريطانيا، أساسا، ودول الخليج، في صناعة الإجماع في فندق 5 نجوم شرق صنعاء.
***
ديناميات الصراع في المرحلة الانتقالية، ثم مفاعيل الحروب الحوثية الاجتياحية بطابعها الاستردادي في 2013 و2014، في ظل تعامي السلطة الانتقالية وانغماس الهتها في التهويم باسم الحوار، وبالتضافر مع ازدهار خطاب تبشيري في المجال السياسي تورطت به الأطراف كافة، قوامه التشوهات التي نجمت عن العهد السابق فصارت في العهد الجديد ركائز لبناء دولة جديدة مستحيلة التحقق، كل هذا دفع بقطاعات من اليمنيين ترفض العنف وتأنف من حمل السلاح إلى الانخراط في جبهات المحتربين، وبخاصة بعد فبراير 2015.
***
لا أحد يقبل بسلطة انقلابية في عاصمة احتضنت قبل 5 سنوات واحدة من أعظم الثورات الشعبية في العالم العربي.
لكنها سلطة انقلابية فحسب.
سلطة محورها جماعة حملت السلاح في مرحلة سابقة بدعوى الدفاع عن نفسها من بطش سلطة باطشة، ثم تحولت بالسلاح إلى جماعة باغية ضد الدولة بالتحالف مع رئيس سابق له موالون في الجيش والأمن وفي مختلف المحافظات وداخل الحزب الحاكم سابقا الذي صار بالمبادرة الخليجية حزبا شريكا بالنصف من مقاعد الحكومة الانتقالية.
هذا هو التحالف الانقلابي: معلوم ومعين ومشخص وموصوف في قرارات المجتمع الدولي.
هو كما ترون، ليس مذهبا دينيا ولا هو منطقة أو جهة يمنية.
كلا.
ليس لهجة أو زيا شعبيا.
ليس فئة أو طبقة.
جماعة تحمل السلاح تنامت شعبيتها في سياق انتقالي تفكيكي وتفتيتي للدولة والمجتمع، انقضت على السلطة بالتحالف مع رئيس سابق استثمر خطايا خلفه وصغائرية خصومه السياسيين، للعودة مجددا إلى الواجهة أو القصر.
هذا هو التحالف الانقلابي الذي يفترض انه عدو الشرعية. لكن الشرعية في اليمن “شرعجية” تواصل العبث بثوابت وجوامع اليمنيين وترعى بإصرار كل ما من شأنه تمزيق اليمن وتفتيت المجتمع وقهر المواطن، وحشره داخل صور نمطية توطئة لزجه قسرا داخل دويلات ترتسم حدودها طبقا لخرافات لا توجد إلا في الرؤوس الجوف لرجال السلطة الانتقالية.
هذه الشرعجية لا تريد أن تتحلى بالشرعية رغم كل التضحيات الجسيمة للشعب اليمني.
إنها، منذ البداية وحتى الآن، الوجة الآخر للعملة الانقلابية.